كتب : عمرو بكير
حققت السفارة البريطانية في القاهرة إنجازاً ملحوظاً، حيث تمكنت من تحقيق أكثر من 60% من هدفها الاستثماري المقرر في مشروعات الطاقة النظيفة في مصر بقيمة 500 مليون دولار، وذلك قبل انعقاد مؤتمر المناخ “COP30” المزمع إقامته بالبرازيل في نوفمبر المقبل، وفق تصريحات المستشار التجاري الأول بالسفارة، جورج يونان، للمنصة الاقتصادية “إنتربرايز”. يأتي هذا الاستثمار ضمن حملة “التوسع الأخضر” التي أطلقتها القنصلية البريطانية لتحقيق نتائج طموحة من خلال شراكات تجارية واتصالات استراتيجية ومشاركة حكومية.
المملكة المتحدة ليست جديدة على قطاع الطاقة المتجددة في مصر، إذ سبق لها دعم هذا المجال باستثمارات تجاوزت مليار دولار عبر شركات خاصة وحكومية. وتهدف بريطانيا إلى أن تكون قوة ريادية بحلول عام 2030 للوصول إلى مستقبل يتسم بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وهو ما يتطلب ضخ استثمارات سنوية قدرها 40 مليار جنيه إسترليني في الفترة بين 2025 و2030. لتحقيق هذا الطموح، تعتمد المملكة المتحدة على تحالفاتها مع مراكز إقليمية للطاقة مثل مصر التي تشترك معها في هدف إزالة الكربون.
حتى الآن، خصصت المؤسسة البريطانية للاستثمار الدولي ــ الذراع التنموي للتمويل الحكومي البريطاني ــ نحو 305 ملايين دولار للمشروعات في مصر. من بين هذه الاستثمارات، تم توجيه 190 مليون دولار لدعم مشروع رياح خليج السويس الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 1.2 مليار دولار ويُعتبر أحد أكبر المشروعات على مستوى القارة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.1 جيجاوات، ومن المتوقع أن يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 1.5 مليون طن سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، خصصت المؤسسة 115 مليون دولار لمشروع طاقة شمسية وتخزين بطاريات تابع لشركة “سكاتك”، والمقام بنجع حمادي بتكلفة إجمالية قدرها 600 مليون دولار.
ولتغطية الفجوة الاستثمارية المتبقية، تتجه السفارة نحو قطاعات متنوعة تشمل وقود الطيران المستدام، المياه، النقل الأخضر، والطاقة الخضراء. لتسهيل جذب المستثمرين، تعمل السفارة على تعزيز التعاون عبر بعثات تجارية داخلية وخارجية تساهم في بناء روابط مباشرة بين الجهات البريطانية والمصرية. كما تهدف هذه المبادرات إلى تبادل المعرفة، إبرام الصفقات التجارية، وتعزيز العلاقات الثنائية المرتبطة بالنمو الأخضر.
ترى لندن نفسها المحور العالمي الأول للتمويل الأخضر، ولهذا السبب تسعى للعب دور أساسي في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة بمصر. بالتعاون الوثيق مع الشركات المهتمة بهذا القطاع، تستفيد القنصلية من الأدوات التمويلية الحكومية مثل وكالة ائتمان الصادرات لدعم هذه المشاريع.
أحد الجوانب الأساسية لهذا التعاون يتمثل في دعم موقع مصر الريادي تجاه التحول العالمي للطاقة الخضراء، وهو ما يتضح من دعوتها للمشاركة الفعالة في قمم دولية مثل مؤتمر وكالة الطاقة الدولية حول مستقبل أمن الطاقة. إلى جانب ذلك، تتطلع السفارة إلى تعزيز التشارك في الخبرات البريطانية المتقدمة في الإصلاح التنظيمي، إدارة شبكات الكهرباء، أسواق الكربون، وتسعيرها.
القطاع الخاص البريطاني يمثل أيضاً مورداً هاماً يمكن استثماره، إذ أن المملكة المتحدة تُعد قائدة عالمية في العديد من المجالات التقنية المتعلقة بالطاقة الخضراء مثل الرياح البحرية والهيدروجين الأخضر وتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة. يمكن لهذه الخبرات أن تقدم لمصر رؤى عملية حول فتح الأسواق لتداول الطاقة بشكل مباشر بين المنتجين والمستهلكين بعيداً عن الوسائط التقليدية.
مصر تمتلك إمكانات كبيرة تؤهلها لأن تصبح مركزاً لتصدير الطاقة النظيفة خاصة بالنظر إلى موقعها الجغرافي وإمكاناتها في مجالي الطاقة الشمسية والرياح. مع التوسع المستمر في مشروعات الربط الكهربائي الإقليمية والدولية، قد تكون هناك فرصة لبريطانيا للاستفادة من خبرتها الخاصة في بيع الطاقة عبر الاتحاد الأوروبي ومشاركة هذا النهج مع مصر لدعم تقدمها في مجال تصدير الطاقة النظيفة.